موقع القلم الأسود موقع القلم الأسود
recent

آخر الأخبار

recent
random
جاري التحميل ...

الفصل الأول من رواية وعد القلب

 

رواية وعد القلب


وعد القلب.. 


الفصل الأول


في غسق الليل تحت ضي النجوم المنيرة تجلس (نورا) مع ابن عمها وخطيبها (شريف) في حديقة منزل العائلة في إحدى قرى مصر: 

  - هتوحشني أوي يا شيري، مش عارفة هستحمل بعادك وسفرك أزاي. 


يضمها شريف نحو صدره وهو يملس على شعرها الناعم الطويل: 

  - غصب عني يا نور، لازم أكمل دراستي.. أية مش عاوزة تفرحي بحصولي على الدكتوراه! 


هزت نورا رأسها نفيًا، بصوت ناعم ورقيق: 

  - أنت متأكد بأني أول واحدة في العيلة هتفرح بده، إن شاء الله هكون زوجة الدكتور شريف الصيرفي، هفتخر بيك وسط أصحابي، بس الفراق صعب أوي، تعرف لو عرفت أنك لعبت بديلك كدا ولا كدا وعرفت واحدة عليا.. صدقني هقتلك. 


ظل شريف يضحك مقهقهًا وهو مغمض العينان، ثم أردف: 

  - هلاقي زيك فين يا قمر تملى عنيا وقلبي كدا، أنا بتنفسك يا نور.. أنتي مش بس خطيبتي وبنت عمي.. أنتِ بنتي كمان اللِ ربيتك جو حضني من ساعة ما اتوجدتي في الدنيا دي، أوعديني يا نور أنك مش هتكوني غير ليا أنا بس.. 


ترقرقت عيناها بالدموع وهي تتشبث بذراعه: 

  - أوعدك يا قلب نور مش هكون لغيرك، بس وعدي ده له شرط. 


نظر لها شريف وهو يضم حاجباه منتظرًا سماع الشرط، قالت نور: 

  - لو عرفت أنك خنتني في يوم، ولا عرفت واحدة تاني، صدقني مش هكون في حياتك تاني. 


رفع شريف كف يدها ثم لثمه بحب حقيقي: 

  - أوعدك عمري ما هخونك في يوم.. 


... بعد مضي خمسة أعوام


تجلس نورا بفستانها الأبيض بجوار والدها، تنظر تجاه المأذون كالمغيبة، لم تفق إلا على جملته: 

  - بارك الله لكما وبارك عليكما، وجمع بينكما في الخير


قام والدها (سامح) بتقبيل جبهتها بحب: 

  - مبروك يا حبيبتي، زواج مبارك إن شاء الله. 


قامت نورا بحضن والدها كأنها تطلب منه عدم تركها، فهى تائهة وحيدة رغم التفاف عائلتها حولها، لا تدري كيف فعلت ذلك؟! أين كان عقلها حينما وافقت على تلك الزيجة؟! 


اقترب منها ابن عمها (سيف) وهو ينتزعها من حضن عمه قائلًا بمرح: 

  - دي عروستي خلاص، مفيش حد هيحضنها غيري يا عمي. 


ضحك الجميع في سعادة، عندما انتهى حفلة الزفاف قام سيف بحمل نورا على ذراعيه صاعدًا بها إلى شقتهما الخاصة بهما في العمارة السكنية التي اتخذتها العائلة مسكن لهم جميعًا، خمسة أدوار، في كل دور فيها شقتين، لقد قام الجد (الصيرفي) بتجميع عائلته بها؛ حتى يشعر بقوة رابط العائلة، لقد كانت العمارة أشبه بالقصر من حيث التصميم الداخلي والخارجي، تحاوطها الزهور والأشجار من كل اتجاه، يحميها سور من القضبان الحديدية ورجال أمن على بوابتها الضخمة.. 


جلست نورا على طرف الفراش في غرفة النوم كأن على رأسها الطير، تنظر للفراغ تنتظر أن تفيق من هذا الكابوس المخيف، انتفض جسدها عندما وضع سيف يده على كتفها: 

  - مالك يا نورا؟ أنتِ كويسة؟ 


لم تدر نورا بماذا تجيب؟ حاولت أن تخرج صوتها من بين شفتيها المرتجفة: 

  - مفيش.. أنا بس تعبانة شوية أصلي مانمتش من امبارح. 


ابتسم سيف وهو يقترب منها: 

  - غيري لبسك علشان نصلي ركعتين، وبعدين ننام يا قلبي، أنا عارف اليوم كان متعب أوي عليكي، أصلك عاملة زي البسكوتة. 


أمسكت نورا بفستانها وهي تتجه نحو دورة المياة دون أن تتفوه بكلمة واحدة، ابتسم سيف على حيائها وخجلها، بصوت هامس: 

  - مش مصدق أنك بقيتي مراتي أخيرًا. 


اغلقت نورا الباب من خلفها مستنده بظهرها عليه، اغمضت عيناها وهي تتذكر ما حدث... 


( عودة لوقت سابق) 


الجد (الصيرفي) بصوت يهز الجدران: 

- يعني أية مش عارفين هو فين؟ بقاله أكثر من سنتين مختفي، ماحدش عارف مطرحه، اقلبولي كندا حته حته لغاية لما توصلوا ليه، حفيد الصيرفي يا بهايم يكون عندي، أنتوا فاهمين.. 


والد شريف (مدحت) بصوت مخنوق: 

  - يا بابا أنا ما سبتش أي جامعة أو مستشفى غير لما دورت فيها عن ابني شريف، بس للأسف كل محاولاتي فشلت، أنت متعرفش أمه بتنوح على ابنها ليل مع نهار وأنا واقف عاجز مش عارف أعمل لها حاجة، قولي بس أعمل أية؟ أنا هتجنن. 


أثناء حديثهم وسط العائلة دلف الحارس:

  - مدحت بيه في حد بيسأل عنك برا، بيقول أنه تبع شريف بيه. 


انتفض مدحت من مجلسه، قائلًا بلهفة: 

  - دخله فورًا.. 


تجمعت العائلة أمام الباب لمقابلة الضيف المجهول، دلف شاب أنيق يبدو عليه الثراء، بعد التحية والسلام، جلس وهو ينظر لهم: 

  - أنا اسمي كريم، كنت مع شريف في كندا، هو اختفى فترة أثناء الدراسة، لكن من قريب قال ليا صديق أنه شافه في إحدى مدن كندا بصحبة واحدة كندية، سلم عليه وسأله عن سبب تغيبه، رغم تهربه من الاجابة بس هو قاله أنه راجع مصر قريب، أنا قولت أجي اطمنكم عليه لأني سمعت أنكم بتدوروا عليه وقلقلين ليكون أصابه مكروه. 


اقتربت منه أم شريف (سامية) وهي تبكي من الفرح: 

  - بجد يابني.. ابني بخير، أنت متأكد؟ 


أومأ لها كريم برأسه: 

  - بجد يا حجة.. هو بخير، متقلقيش إن شاء الله هيرجع قريب. 


ربت مدحت على كتف كريم ببتسامة: 

  - تشكر يا بني، أنت متعرفش أنك رديت روحنا تاني أزاي، ربنا يخليك لأهلك ويطمنك عليهم. 


ابتسم كريم: 

  - ماتشكرنيش يا عمي، ده واجبي.. عن أذنكم لأني مسافر النهاردة، مع السلامة. 


رد الجميع: 

  - مع السلامة.. في حفظ الله. 


فرح الجميع بهذا الخبر ماعدا واحدة ظل يتكرر في عقلها جملة "كان مع واحدة كندية"


مر أسبوعين حتى قررت نورا رد الصفعة بصفعة أقوى منها، طرقت على غرفة والدها سامح ثم دلفت وهي تقول: 

  - بابا أنا عاوزة افسخ خطوبتي من شريف، مابقتش عاوزاه.. 


(عودة للحاضر) 


نظرت نورا للمرآة في الحمام وهي تتنفس بقوة: 

  - أنت الل اخترت يا شريف.. خنتني، كان لازم تصدقني لما قولتلك هقتلك، بس أنت ماسألتش هقتلك أزاي، أنا هدبح روحك وهطعن قلبك بسكينه تلمه، اتجوزت أخوك. 


خرجت نورا وهي ترتدي قميص مثير يركع أمامه أقوى الرجال قائلة بصوت ناعم: 

  - هروح ألبس الاسدال علشان نصلي يا حبيبي، سيف.. سيف.. مالك يا قلبي أنت مسهم كدا ليه، هو في حاجة؟ 


ازدرد سيف ريقه وهو يتمعن في حسنها وجمالها، فهى ذات قوام ممشوق وبياض ناصع كالثلج وشعر حريري أسود طويل كالمهرة وعيون كالمها.. ما اجملها! أومأ لها سيف برأسه وهو يفرش سجادة الصلاة، بعدما انتهى من الصلاة والدعاء، نظر لها قائلًا: 

  - أنتِ أجمل حاجة في حياتي، مش مصدق أنك وافقتي على زواجك مني، أنا كنت بحبك من زمان أوي، بس كنت بشوف حبك لأخويا كان بالنسبالي حاجز يمنعني أني اقرب منك، لغاية لما قررتي فسخ الخطوبة حسيت أن الحاجز ده اختفى في لمح البصر، اتشجعت أني أطلبك من عمي، وبصراحة اتفاجأت بأنك موافقة عليا بسرعة أنا لغاية دلوقتي مش مصدقها، ممكن أسألك سؤال؟ 


هزت نورا رأسها إيجابًا، صمت سيف قليلًا ثم قال: 

  - أنتِ وافقتي ليه؟ 


نظرت نورا للأسفل وهي تحاول أن تجيبه عن سؤاله بطريقة لا تثير شكوكه: 

  - لأنك تستاهل أني أكمل حياتي معاك. 


رغم أن الاجابة لم تكن كافيه لتطمئن عقل وقلب سيف، إلا أنه اكتفى بها ليبدأ معها حياة جديدة، اشرق الصباح على زقزقت العصافير وهو يبتسم في سعادة وهو ينظر بجانبه على الفاتنة التي سلبت لب عقله وقلبه، قائلًا بهمس وهو يداعب خدها: 

  - صباحية مباركة يا نصي التاني. 


نظرت له نورا وهي تتخيله حبيبها شريف: 

  - الله يبارك فيك يا حبيبي. 


وفي لحظة انتفضت من الفراش وهي تضم الملاءة على جسدها، عندما وجدته سيف وليس شريف، كأن عقلها كان مغيب عن وعيه، نظرت له وهي مرقرت العينان بالدموع، لم تدر ماذا تفعل؟ 


انتبه سيف لأنتفاضتها وخوفها، كأنها صدمت من شيء: 

  - في أية يا نور.. مالك؟ أنتِ حاسة بوجع؟ أنا أذيتك؟! 


هرولت نورا على الحمام وهي تغلق الباب خلفها كأنها تهرب من وحش مفترس، نظرت للمرآة بذهول: 

  - أنا أية الل عملته في نفسي؟! أكيد اتجننت. 




حمدلله على السلامة يا شريف بيه.. يا هااانم شريف باشا رجع


.. يتبع


Elbanota gege

سارة المهدي..

عن الكاتب

Blackpen الكاتبة الروائية أمل فايز أحمد كاتبة مقالات وصحفية. youtube facebook pinterest linkedin

التعليقات


جميع الحقوق محفوظة

موقع القلم الأسود